107 (قال أبو علي: قد انتهينا من كتابنا هذا، إلى أقصى ما أحاط به علمنا، وبلغه وسعنا، إذ الغرض الذي قصدناه، أبعد غاية وأكثر اتساعاً من أن يحيط به متقصيه، أو يدركه متزلهي، وفيما ذكرنا منه كفاية، لمن اعتمد عليه في مجالس المحاضرة لذوي الآداب، والمذاكرة لأولي الألباب، والله المستعان) ، محل هذه الختمة في الأصل يأتي في صلب الكلام، بدون أي تحفظ، وحيث رقمت لها مكانها فوق، وذلك في النسختين معاً، وإنما التنبيه على ذلك ورد في حاشية (قأ) ونقل إلى حاشية (قب) متأخراً وهو "هنا انتهى جل النسخ التي دخلت الأندلس، ثم دخل بعد ذلك -بأعوام باقية".
ويبدو الخط مشابهاً لخط الناسخ في قأ، أما في قب فبخط يبدو لأحد المهتمين بقب ويعرف قا قيود أن يجعل قب مماثلة لقأ في كل شيء، وقد سبق نقل تلك العبارة بقوله: قف هنا- ففي نسخة أخرى مثل لهاذ" ثم جاءت الفقرة التالية عقب نهاية الختمة وصاف أن انتهت تلك وسط السطر، فبدأ الختمة حيث انتهت تلك، وهذا يدل على أن الختمة كتبت في أثناء النسخ العام فلما لفت في أثناء النسخ نظره ذلك المفاجئ كتب في نفس الوقت هامشاً، وهذا يدل على أن النسخ لقأ ثم عن نسخة أندلسية، بحرفية ما وجد بها بختمة أبي علي الأولى.
108 له قال النعمان بن المنذر "تسمع بالمعيدي لا أن تراه" فأجابه نهشل: "إنما المرء بأصغريه" انظر ابن قتيبة 637 وابن سلام 495.
3 @باب:
في مجاز الشعر
وفقر من الكلام على أنواع السرقات ومراتبها مما تتناوله المحاضرة وتتعلق بها المذاكرة
الفصل الرابع
باب
الاستعارة المستكرهة والفرق بينها وبين الغلط الواقع فيه
700 قال أبو علي: وقد استقصيت هذه الأبواب استقصاء، جمعت به شمله في كتابي الموسوم "بالحالي والعاطل" وقرينه هناك بنظائره، ونظمته بأشكاله، ولما كان هذا الكتاب مفتقراً إلى درر منه، أوردتها لئلا أخل بمذهب يتعلق به، وبالله التوفيق.
فما ورد في أشعارهم من ذلك، قول بعض المعديين [طويل] :
سأمنعها أو سوف أجعل أمرها ... إلى ملك أظلافه لم تشقق
فاستعار الأظلاف للرجل، ولا ظلف له، وإنما أراد قدميه، وهذه استعارة مستكرهة.
701 ومثال ذلك قول الحطيئة [طويل] :
سقوا جارك العيمان لما أتاهم ... وقلص عن برد الشراب مشافره
فاستعار للرجل مشافر، وإنما له شفتان، والمشافر للإبل.
702 ومثله [طويل] :
فلو كنت ضبياً عرفت قرابتي ... ولكن زنجياً غليظ المشافر
ولا يكادون يستعملون أمثال هذا في بني آدم إلا في الذم.
703 ومثل هذا قول أبي النجم يصف إبلاً [رجز] :
تسمع للماء كصوت المسحل ... بين ورديها وبين الجحفل*
فجعل لها جحافل، ولا جحافل لها، وإنما الجحافل للخيل والشفاه لبني آدم.
704 وقال الراجز يصف إبلاً: "والحشو من حفانها كالحنظل".
والحفان: أولاد النعام، فجعلها أولاد الإبل.
705 وقال جبيهاء الأشجعي [طويل] :
فما رقد الولدان حتى رأيته ... على البكر يمر به بساق وحافر
فجعل للرجل حافراً ولا حافر له، وإنما يصف ضيفاً أضافه، فلما رقد الولدان عمد إلى بكر فأخذه وهرب به، فجعل يمر به، أي يستخرج ما عنده بساقه وقدمه، فجعل قدمه حافراً، على طريق الذم له.
706 وقال أبو دؤاد [متقارب] :
فبتنا عراة لدى مهرنا ... ننزع من شفتيه الصفارا
فجعل له شفتين، وإنما له جحفلتان، الصفار يبس البهيمي، وهو نبت له شوك.
707 وقال أوس [منسرح] :
وذات هدم عار نواشرها ... تضمت بالماء تولباً جدعاً
وقوله "تصمت بالماء" يقول: إذا طلب اللبن سقته الماء، والتولب: ولد الحمار.
والجدع: السيء الغذاء، فسمى ولدها تولباً على طريق الاستعارة، وهي استعارة مستكرهة.